التحصين
اللقاحات هي الأسلوب الأكثر أماناً في العالم لحماية الأطفال من الأمراض المُهدِّدة للأرواح
تُعتبر اللقاحات من بين أعظم الإنجازات في الصحة والتنمية العالميين. فعلى امتداد أكثر من قرنين، عملت اللقاحات وبأمان على الحد من بلاء أمراض من قبيل شلل الأطفال والحصبة والجدري، وساعدت الأطفال على النماء بصحة.
وبفضل جهود التحصين في جميع أنحاء العالم، تمكّن الأطفال من المشي واللعب والرقص والتعلّم. ويُظهر الأطفال المحصنون أداءً أفضل في المدارس، مما يحقق فوائد اقتصادية تصل تأثيراتها إلى مجتمعاتهم المحلية. وفي الوقت الحالي، يُقدّر بأن اللقاحات هي من بين الوسائل الأكثر فاعلية للدفع بالرفاه العالمي. فهي تعمل كدرع واقٍ وتحافظ على سلامة الأسر والمجتمعات المحلية. وعلى الرغم من هذه الفوائد طويلة الأمد، لا تزال معدلات التغطية بالتطعيم منخفضة في بعض المناطق والبلدان.
نحن نشهد للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود أكبر تراجع مستمر في معدلات تلقّي لقاحات الطفولة
وهذا التراجع ناجم عن التعطيلات التي نشأت عن جائحة كوفيد-19، والنزاعات، والتهجير، وتزايد المعلومات المُضلِّلة بشأن اللقاحات. ونتيجة لذلك، تفوت على حوالي 25 مليون طفل حالياً اللقاحات المنقذة للأرواح في كل سنة، مما يعرّضهم لخطر الأمراض المدمِّرة والتي يمكن منعها تماماً، من قبيل الحصبة وشلل الأطفال. ويظل الأطفال الأشد فقراً والأكثر عرضة للتهميش — وهم غالباً الأشد حاجة للقاحات — هم الأقل أرجحية بالحصول على اللقاحات.
نحن نعلم أن التلقيح هو أحد التدخلات الأكثر فاعلية في الصحة العامة، ويوفر لكل طفل فرصة للنماء بصحة وتحقيق إمكاناته الكاملة. تعمل اليونيسف بلا كلل للتحقق من حصول كل طفل، بصرف النظر عن مكان وجوده، على اللقاحات التي يحتاجها ليس فقط ليتمكن من البقاء، بل ليزدهر أيضاً.
برنامج التحصين لدى اليونيسف
تصل اليونيسف، بالتعاون مع شركائها، إلى حوالي نصف أطفال العالم سنوياً باللقاحات المنقذة للأرواح. وتعمل في أكثر من 100 بلد مع الحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والوكالات الأخرى التابعة للأمم المتحدة لإشراك المجتمعات المحلية، ولشراء اللقاحات وتوزيعها، والمحافظة على الإمدادات آمنة وفعّالة، والمساعدة في توفير إمكانية الوصول الميسورة الكلفة إلى اللقاحات، حتى إلى الأسر التي يصعب الوصول إليها.
وما شراء اللقاحات وتوزيعها سوى جانب واحد من عملنا في هذا المجال، إذ تستثمر اليونيسف أيضاً في الأنظمة الصحية المجتمعية لتحسين سلاسل الإمداد وأنظمة البيانات ورصد الأمراض — مما يساعد عدداً أكبر من الأطفال في الحصول على الحماية التي يحتاجونها.
مجالات تركيزنا
الوصول إلى الناس الأشد حاجة
يعيش العديد من الأطفال غير المحصنين أو الذين يعانون من نقص التحصين في العالم في بلدان متأثرة بالنزاعات وعدم الاستقرار. وتعمل اليونيسف مع شركائها لتأسيس سلسلة أجهزة تبريد للقاحات وغيرها من الإمدادات الطبية الأساسية، أو المحافظة على هذه السلسلة أو تحسينها، وكذلك إعادة الأفرقة الصحية التي تشتت بفعل النزاعات إلى أماكن عملها الأصلية. ومهما كانت صعوبة الأوضاع ومهما كان بعد المسافة، فإننا نعثر على طرق جديدة للوصول إلى الأطفال والمراهقين والأمهات الذين يواجهون الخطر الأكبر بالتعرض للأمراض والأوبئة التي تهدد الأرواح.
ونولي الأولوية في جهودنا للمجتمعات المحلية المهمشة والمحرومة من الخدمات ونعمل على تعزيز قوة العمل الصحية اللازمة للوصول إليها. كما ننهمك مع المجتمعات المحلية للتعرف على قيمها واحتياجاتها المتعلقة بخدمات التحصين الجيدة.
سلسلة الإمداد
تعمل اليونيسف على امتداد سلسلة إمداد اللقاحات لتعزيز الأنظمة وبناء القدرات ودعم الابتكارات، وذلك من مرحلة المشتريات إلى مراحل التخزين والتوزيع وحتى إدارة المخلفات.
ونحن نعزز خدمات التحصين من خلال تزويد الحكومات بالمساعدة التقنية، وتطوير السياسات، والإرشاد، والدعم التشغيلي.
تساعد اليونيسف البلدان أيضاً في إدارة مخزونات اللقاحات ومعدات سلاسل التبريد، واستخدام نُهج مبتكرة باستخدام الطاقة الشمسية، وتقنيات الاتصالات الخلوية والقياس عن بُعد، وهذا يساعد في ضمان وصول اللقاحات إلى الأطفال دون أن تفقد فاعليتها من جراء التعرض للظروف الجوية المتطرفة.
إمدادات اللقاحات
بما أن اليونيسف هي أحد أكبر المشترين للقاحات وغيرها من الإمدادات المنقذة للأرواح في العالم، فإنها تتمتع بمكانة فريدة للتفاوض على أسعار رخيصة. ويتيح لنا التزامنا بالشفافية وقدرتنا على شراء كميات كبيرة من اللقاحات أن نؤثر على الأسواق، وأن نخفّض التكاليف، وأن نزيد الكفاءة — مما ينقذ المزيد من الأرواح. وقد حقق إسهام اليونيسف في تشكيل الأسواق استقراراً نسبياً في أسعار لقاحات الطفولة، وفي بعض الحالات تخفيضاً في أسعارها.
التكنولوجيا والابتكار
من خلال العمل مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، تُوجِّه اليونيسف الاستثمارات نحو ابتكار لقاحات وتقنيات جديدة — بما في ذلك وسائل التشخيص والتقنيات الصحية، وتقنيات الطاقة الشمسية، والمنصات الرقمية. ونحن نسعى إلى توسيع الوسائل التقنية الأكثر ملائمة بغية توسيع نطاق برامج التحصين.
القضاء على الأمراض وإنهاؤها
بفضل العمل المستمر في مجال التحصين، بات العالم قريباً من القضاء على مرض شلل الأطفال. كما أن حملات التحصين ضد الحصبة، والحصبة الألمانية، والكزاز، تقرّبنا من القضاء على هذه الأمراض في معظم المناطق الجغرافية.
بيد أن التراجع الذي حدث مؤخراً في معدلات التحصين يعرّض عدداً أكبر من الأطفال للإصابة بالأمراض التي يمكن منعها. وتعكف اليونيسف على تكثيف جهودها للوصول إلى هؤلاء الأطفال — ويعيش العديد منهم في مجتمعات محلية محرومة — من خلال تنفيذ حملات استدراكية لتقديم اللقاحات.
الاستدامة البيئية
تعمل اليونيسف على تعزيز المبادرات التي تحسّن إدارة النفايات وتستخدم منتجات صديقة للبيئة. فمثلاً، نحن ندعم استبدال ثلاجات تعمل بالطاقة الشمسية بالثلاجات التقليدية التي تعمل بالامتصاص، وذلك لتعزيز استدامة سلسلة أجهزة التبريد.
الطلب على اللقاحات
تهدف اليونيسف إلى الحد من انتشار المعلومات المضللة وضمان إمكانية الأسر في الحصول على بيانات دقيقة حول التحصين لتتمكن من اتخاذ أفضل القرارات لأطفالها.
ونحن ننهمك مع المجتمعات المحلية في تصميم وتقييم جهود تقديم اللقاحات — بدءاً بالإصغاء إلى المجتمعات المحلية. وتعمل أفرقتنا مباشرة مع الوالدين لفهم مخاوفهم وشواغلهم. ونحن ندرك أيضاً أن العاملين الصحيين المحليين يتمتعون بموقع أفضل من أي جهة أخرى للتعامل مع هذه الشواغل. وبما أن العاملين الصحيين هم من بين مصادر المعلومات التي تحظى بأكبر ثقة بخصوص الصحة واللقاحات، فإنهم يؤدون دوراً رئيسياً في بناء الثقة باللقاحات.
ويتضمن نهج اليونيسف بخصوص التحصين تعزيز جودة التفاعل بين العاملين الصحيين والمجتمعات المحلية، ونحن نقيم شراكات مع العاملين في الخط الأمامي وغيرهم من قادة المجتمع المحلي الموثوقين، من قبيل القادة الدينيين، لمساعدتهم في مكافحة المعلومات المضللة وتخفيف شواغل القائمين على رعاية الأطفال.
وعلى المستوى الوطني، نعمل أيضاً على تعزيز قدرات البلدان لتطبيق رؤى سلوكية من خلال تنفيذ الأبحاث، والإصغاء إلى المجتمع، وإدارة وباء المعلومات المضللة.
التخطيط والميزانية والتمويل للتحصين
تعمل اليونيسف على ضمان توفير تمويل كافٍ من الحكومات والجهات المانحة لخدمات اللقاحات والتحصين، وذلك من خلال إعداد موازنات شفافة وتنفيذها تنفيذاً كاملاً. وبالتعاون مع شركاء رئيسيين، تجري أفرقتنا أيضاً دراسات وتقييمات وتقدم دعماً تقنياً مباشراً لبرامج التحصين في جميع أنحاء العالم.